التغير والاختلاف من الغني للفقر ومن الفقر للغنى في الشعبي القديم
ولا ضحك إلا والبكا مردفٍ له
ولا شبعة إلا مقتفيها جوع
ولا يدٍ إلا يد الله فوقها
ولا طايرات إلا وهن وقوع
تغيّر الظروف واختلاف الأمور وتقلّب الأحداث هي سنة الحياة التي تسير عليها منذ كانت وهي من الموضوعات التي أكثر الشعراء الشعبيون طرقها في الماضي خصوصاً بسبب ظروف الحياة القاسية التي تتأثر بأدنى اهتزاز أو أهون حدث وهذا ما عبّر عنه الشاعر الشعبي في البيتين اللذين صدرنا بهما المقالة.
إن هذا التغير المستمر في دنيانا يؤكد أن استمرار الحال من المحال ولهذا التقلب دور كبير في ترسيخ قيَم الصبر - الشكر وفتح نوافذ الأمل - الألم لأن من يستشعر هذه السنن الكونية يعلم علم اليقين ارتباطها بدائرة الأقدار الإلهية ومن ذلك ينطلق الخلاوي حيث قال:
قولوا لبيت الفقر لا يامن الغنى
وبيت الغنى لا يامن الفقر عايد
ولا يامن المضهود قومٍ تعزّه
ولا يامن الجمع العزيز الضهايد
ولكن يلاحظ أنه كل ما تقدم الزمان زادت سرعة التغيير وقوة الاختلاف وتوسعت دائرته يوماً بعد يوم، وهو أمر يبعث على إثارة علامات التعجب حتى قال الشاعر:
وقتٍ تغيّر فيه حتى العواصيف
جاء في عواصيف الزمان اختلافي
وحين لا يتوقف التغيير على ظروف الحياة بل يتعداها إلى سلوكيات البشر فهل يكون مرد هذا التغيير السريع الشامل والمتوالي هو الطفرة العلمية أو التطور التكنولوجي أو إن الانتشار الهائل لوسائل الإعلام المكتوب والمرئي والإلكتروني الذي أوجد قدرة أكبر على التأثير، ومن ثم كان التغيير الإيجابي - السلبي بصورة أسهل وأسرع مما كان في السنوات الماضية.
والحقيقة أنه على الرغم من استيعاب كثير من الناس لهذه السنن الكونية إلا أن الإحباط واليأس من التغيير إلى الأفضل قد أدى بأحد الشعراء إلى أن يقول:
وإن كان باقي عمرنا مثل ماضيه
يا عنك ما تسوى ريالٍ حياتي
ويشابهه هذا البيت بيت لإحدى الشاعرات:
كان أمس مثل اليوم واليوم مثل أمس
وإن كان باكر مثلهن زاد غلّي
ولكن هناك شاعر كان أكثر سخطاً على ظروفه القاهرة فاختزلها في بيت واحد ظاهره الدعاء بالفرج وباطنه الويل والثبور على المجتمع الذي تجاهله ولم يعش معاناته التي عاشها حيث قال:
الله يعدّلها عن الضلع والميل
وإلا يميّلها على الناس مرّة
منقول