هناك آداب وأخلاق على المريض أن يتحلى بها أثناء مرضه لينال الأجر والثواب ، ويستفيد من هذه الفترة المرضية للارتقاء الروحي والقرب من الله عز وجل ، فالمرض بالنسبة للمؤمن إما تطهير من الذنوب أو رفع منزلة روحية ... وأذكر بعض هذه الأخلاق الحميدة :
1- الصبر وحسن الظن بالله تعالى :
يستحب للمريض ( وكل مبتلى ) الصبر ، فقد قال تعالى :
{ واصبر وما صبرك إلا بالله } ( النحل 127 ) . وقال أيضاً :
{ إنَّما يُوَفَّى الصابرون أجرَهُم بغير حساب } ( الزمر 10 ) .
وفي الحديث الشريف قال النبي عليه الصلاة والسلام : " والصَّبْرُ ضِياء " .
ويجب أن نعلم بأنَّ شكاية المريض للطبيب لا تتنافى مع مبدأ الصبر ، ومن أدب الشكاية أن يبدأ المريض بحمد الله تعالى ثم يبدأ بسرد شكواه ، ففي الحديث الشريف عن ابن مسعود مرفوعاً : " إذا كان الشُّكرُ قبل الشكوى فليسَ بِـشاكٍ " .
وإنَّ الشكوى إلى الخالق لا تنافي الصبر أيضاً، ومن ذلك قول سيدنا أيوب عليه السلام
{ ربِّ إنّي مَسَّني الضُّرُّ وأنت أرحم الراحمين } ( الأنبياء 83 ) ، وقول سيدنا يعقوب :
{ إنما أشكو بَثِّي وحُزني إلى الله } ( يوسف 86 ) .
وينبغي أن يكون المريض حَسَنَ الظن بالله تعالى ، فقد روي عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله قال : " لا يموتَنَّ أحدكم إلا وهو يُحْسن الظنَّ بالله تعالى " .
وفي الحديث الشريف الصحيح " أنا عند حُسْن ظنِّ عبدي بي " .
ويكون حسن الظن بأن يرجو رحمة الله موقناً بها ، لأنه هو العفُوُّ وهو الغفور سبحانه وتعالى ، وهو مقيل العثرات . وعليه أن يقدم الرجاء على الخوف في هذه الحالة .
2 - كراهة تمني الموت : إذ يكره تمني الموت لضر نزل بالمرء ، سواء في بدنه أو في دنياه أو نحو ذلك . ففي الصحيحين :
" لا يتمَنَّيَنَّ أحدكم الموت لضُرٍّ أصابه ، فإن كان لابد فاعلاً فليقل : اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي ، وتوفني ما كانت الوفاة خيراً لي " .
3- التداوي :
قال الشافعية يسن للمريض التداوي . فقد ثبت عن النبي أنه كان يتداوى كلما صدع ، أو أحس بألم في بطنه . ويصف للناس الأدوية المناسبة كالعسل والحبة السوداء وغير ذلك . وفي الحديث الشريف : " إن الله تعالى لم يضع داءً إلا وضع له دواءً ، غير المًحًرَّمِ ". وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال :
" تداوَوْا عباد الله ، فإنه ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء ، جهله من جهله ، وعلمه من علمه .." . وفي خبر أبي الدرداء : " إن الله تعالى أنزل الداء والدواء ، وجعل لكل داء دواء ، فتداووا ولا تداووا بالحرام " .
4- طاعة الطبيب المسلم وسماع نصائحه :
إنَّ طاعة الطبيب ضرورية لتحصيل الفائدة من الدواء ، فلكل دواء طريقة خاصة في تناوله كميةً وانتظاماً ، و الطبيب الناصح يبين ذلك كله ، وما على المريض إلاَّ تطبيق إرشادات طبيبه فإذا نفَّذها جعله مسؤولاً مسؤولية تامة عن دقة التشخيص ونتائج المعالجة وفق ما يقرره الطب ودراساته الحديثة .
وإنَّ أكثر أخطاء المرضى تأتي من تغيير الطبيب لمجرد أنه استعمل دواءَه فلم يجد فائدة مباشرة ، وبدلاً من أن يراجع طبيبه يذهب إلى طبيب آخر ، وكثيراً ما يخلط بين الأدوية فتأتي النتيجة معاكسة لمبتغاه ، هذا إن لم يحصل ضرر كبير نتيجة تعاكس الأدوية .
ولنعلم أنه ليس في تناول الدواء معارضة لمبدأ التوكل على الله ، فالصحة والمرض والدواء كلها من أقدار الله تعالى ، وعلى المريض أن يختار قدره من التداوي طلباً للشفاء وتأدباً مع الله تعالى وتوكلاً عليه .